الميجر شائعات يترقى درجة

عملية “الجرف الصامد” أثبتت مرة أخرى الدور الذي تقوم به  شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الخلوية, مع التشديد على الواتس أب, كأداة لنقل المعلومات: مواد دعائية, معلومات, التضليل المتعمد عبر الانترنت من قبل أصحاب مصالح. إضافة لكونها وسيلة للتعبير عما يدور في قلب مستخدمي الانترنت في إسرائيل, في غزة, في السلطة الفلسطينية, بأرجاء العالم الإسلامي والعالم بأسره. وكما في احداث أزمة سابقة, فقد استخدمت مؤخرا شبكات التواصل الاجتماعي بهذه الحقبة الزمنية كحافز لإزالة الحواجز العاطفية المختلفة حيث نشرت رسائل كراهية وتحريض من اليمين واليسار, يهودا وعربا على حد سواء.

شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الخلوية هي أداة تجسد بصورة مطلقة التعبير “يتحدثون من الميدان” ولذلك, بواسطتها يستطيع المستخدمين اليوم التواصل فيما بينهم بصورة فورية, ومباشرة, وبلا حدود وعدم الكشف عن هويتهم نسبياً.

وهذا المتسع يتيح من جهة التواصل المباشر وإنشاء احتجاجات اجتماعية, ويشكل أحيانا قاعدة وحيدة لهذا الغرض, والاتصال المباشر بين المواطن والمسؤولين المنتخبين بصورة انترنتية وأكثر من ذلك.

ورغم ذلك  استخدمت شبكات التواصل الاجتماعي والواتس أب خلال هذه العملية وقبلئذ أيضا كقاعدة ليس لبث التحريض وإنشاء الاحتجاجات فحسب, بل لنشر الشائعات المختلفة. فالشائعات كانت دائماً وأبداً, أما في عهد الانترنت الذي يبسط عملية الاتصالات ويجعله أكثر نجاعة, فإنه يسهل عملية نشر الشائعات. وخاصة بسبب طبيعة المتسع الانترنتي حيث  تصل المعلومات فورا ودون الحاجة بتاتا لمراقب ووسيط بين شخص وآخر, أينما كان موجودا.

شاهدنا بأنفسنا كثافة الشائعات الانترنتية في خضم حادث “عودوا أيها الإخوة” حيث بدأت خلاله  كافة  التغطية الإعلامية   عبر شبكات التواصل الاجتماعي قبل الإعلان عن المعلومات الرسمية بساعات عديدة. سواء كان بالنسبة لعملية الاختطاف أوالعثور على الجثث.

فلا شك أن الشائعات منتشرة في الأوقات الروتينية وحالات الطوارئ, ولكننا رأينا أن الشائعات تنتشر بقوة  أشد في أوقات الازمات والطواريء, وكما يبدو بسبب الحاجة المستمرة بالمعلومات حول هذه الأحداث وتشهد على ذلك الاستوديوهات المفتوحة خلال ساعات طوال اليوم, في جميع القنوات الإخبارية التلفزيونية, وطيلة كافة أيام عملية ” الجرف الصامد”.

والمحور الآخر هو الحافز المحتمل لنشر الشائعات: فقد يكون الحافز والعنصر من الداخل والذي يرغب بالمشاركة في العمل الإعلامي, ليكون “مطلعا”, “مقربا” للأخبار, لدرجة التسبب في حدوثها بالفعل. وذلك مقارنة مع عوامل خارجية, أعداء الدولة ومن يدعون لها بالشر, ولديهم مصلحة حقيقية بخلق الشائعات لبث الذعر وعدم الثقة, وتهبيط العزيمة والمعنويات بين الذين يتلقون الشائعات, في الجبهة الداخلية المدنية. سواء كان ذلك بواسطة إرسال رسالة لشخص واحد أو بنشرها بين مجموعة من المستخدمين.

وهذا يقودنا للمحور الثالث: وهو أنه  في معظم الشائعات التي تم بثها مؤخرا كان من الممكن أن ندرك أنها تتألف من مدماكين – الشائعة عبر الانترنت كنواة من الحقيقة ملفوفة بمداميك من التضليل. شاهدنا ذلك في عملية “عودوا أيها الإخوة” وكذلك في عملية “الجرف الصامد”, ناهيك عن كون من قام ببث الشائعات هو عنصر  من الداخل أو كان عدواً خارجياً, فكلما كانت نواة الحقيقة موثوق بها, تكون القدرة على تقبل تضليل الشائعة أسهل.

وخلال عملية “الجرف الصامد” شاهدنا عددا من طرق مكافحة موجة الشائعات: ونشر في نطاق تطبيق القانون أمر اعتقال عدد من الجنود قيل أنهم كانوا وراء بث إحدى الشائعات خلال هذه العملية. نشاط إنترنتي عبر شبكات التواصل الاجتماعي يدعو لزيادة الوعي للمخاطر التي تكمن ببث الشائعات والاستناد الى  معلومات غير موثوق بها تحتوي على دعوات لعدم الاستناد الى الشائعات وعدم المشاركة في بثها. ومحاولات معينة من قبل الإعلام لمحاربة الشائعات حتى ولو بصورة غامضة.

ومع انخماد المعارك نشهد تهدئة بعدد الشائعات الانترنتية, إلا أنها تتواجد دوما – حتى ولو كانت أساطير حضرية -كعمل روتيني. فواجب علينا تحمل مسؤولية شخصية في كل وقت والامتناع عن استهلاك معلومات غير موثوق بها ونقلها للآخرين سواء  كانت شائعات أو أسطورة حضرية, أثناء الحياة الروتينية وحالات الطوارئ. وذلك بغية منع مثل تلك الحالات التي وقعت خلال عملية “الجرف الصامد” في المستقبل حيث “تلقى أبناء إحدى العائلات  خبر وفاة عزيزهم عبر الواتس أب” (“كان أخوه في تلك الساعة في مناطق التجمعات قرب القطاع, حيث وصل وفقا لأوامر الطوارئ – أمر8 ..وفجأة بدأوا يسألونه  عما  حدث, وهكذا اكتشف الأمر. وفي النهاية وصل مندوبون عن الجيش وأبلغوه بأن أخاه قتل في المعارك, واقتادوه للبيت. إذن, نشر هذه الرسائل أمر قاس ويثير الغضب, وينبغي إجراء التحقيق مع من قام بنشرها”), هذا ووقع حادث آخر حيث تم نشر إسم ضابط الجيش الذي قيل أنه كان بين القتلى في العملية , إلا أنه كان بالحقيقة مصاباً.

هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: עברית